ma première vie (Janvier 2009)

الخميس 8 يناير 2009

سنة جديدة من القتل و الدمار. سنة جديدة من الضعف و الهوان. سنة جديدة من الشعارات و الدموع و الإحباط. اليوم الثالث عشر من العدوان الصهيوني على إخواننا في غزة. يوم آخر من الأسئلة المطروحة التي لا نجد لها جوابا. مرة أخرى نسأل أنفسنا : لماذا نحن هكذا ؟ لماذا نحن ضعفاء مستضعفون ؟ لماذا نحن جبناء ؟ لماذا نحن سلبيون ؟ و لأني سيد السلبيين على الإطلاق لطالما سألت نفسي لماذا أتأثر إذن عندما أرى دم و أشلاء إخواني على شاشة التلفاز ؟ لماذا أتابع بحرص نشرة الجزيرة الليلية كل مساء بعد دخولي من العمل و أقلب المحطات بين برامج مصر الحوارية التي يتحدثون فيها عن العدوان ؟ إن كنت لا أفعل شيئا و لا أستطيع أن أفعل شيئا أو ربما لا أريد ان أفعل شيئا، لماذا إذن أتأثر ؟ ربما أتأثر لأنني أحس بضعفي أكثر. ربما أتأثر لأنني أتذكر أني عضو قديم فاعل في عائلة الصامتين عن الحق، و يا ليتني لا أتذكر. ربما أتأثر لأني أرى أفواجا من الشباب تدخل الجنة كل يوم و ألتفت لحالي و همتي التي مافتئت تتقهقر. و ربما أتأثر لأنني لا أملك شيئا آخر غير أن أتأثر

الجمعة 9 يناير 2009

بعد أن نمت أمام شاشة التلفاز أنتظر قرار مجلس اللا أمن، مجلس الذل و الهوان و الخوف من إسرائيل، عله يغير شيئا من الأوضاع، استفقت صباحا على قرار أعضائه الشجعان الذين تمكنوا أخيرا من الضغط على أنفسهم و مخالفة ما تمليه عليهم ضمائرهم الميتة، لينددوا بالعدوان و يدعوا إلى وقف إطلاق النار. و لأن كل المقاييس اختلت منذ زمان، منذ أن سلمنا و طبعنا و ابتسمنا في وجه الصهيوني الحقير، خرجت إسرائيل صباحا لتستهزئ بالقرار و بمن اتخذوه و لتضحك بصوت عال أمام العالم مؤكدة قانونها قانون الغاب، قائلة أن القرار هو بأيديها و ليس بأيدي مجلس الأمن، و بأنها ستقرر وقف إطلاق النار عندما "سيقولها لها رأسها". هكذا كان رد فعل إسرائيل، و هكذا نتأكد و نزداد يقينا أن القوة في هذا الزمان هي الفيصل، أن الكلمة للأقوى و أن السياسة و القوانين و الأعراف الدولية اخترعت و سخرت لخدمة الأقوى، ذاك الذي يتحكم في المال و الأعمال و يملك السلاح و يسير مجموعات الضغط. هكذا تنهار للمرة الألف الأطروحة الكاذبة التي خرجوا علينا بها قبل عشرات السنين ليقنعونا قصرا بأن هناك مواثيق دولية و مؤسسة عالمية تصهر على حماية المستضعفين أمثالنا. هذا هو مجلس الأمن، و هذا هو بونكيمون الذي لا يملك أن يفعل شيئا غير الابتسام، و كأنه دخل المؤسسة ليبتسم قليلا ثم يخرج. هؤلاء هم وزراء العرب و هذه هي الجامعة العربية، و هذا هو حالنا

إسرائيل قالت للتو عبر رئيس وزرائها أنها ستواصل عملياتها بغزة رغم هذا القرار.و هذا ما يدعو للسخرية من موقف وزراء الخارجية العرب الذيب ذهبوا مهرولين إلى مجلس الأمن مع علمهم الكافي أن إسرائيل لن تطبق أي قانون فهي دولة فوق القانون!!

الاثنين 12 يناير 2009

كل المتع التي كنا نحسها قبل أن تنطلق المجزرة لم يعد لها طعم. الندم و الخزي يلاحقنا أينما رحلنا و ارتحلنا. كلما ضحكنا نتذكر من يبكي هناك. كلما أكلنا و شربنا نتذكر من هم جائعون هناك. كلما حلمنا نتذكر من هم ممنوعون من الحلم هناك. نحن ننام في مكان دافئ آمن، نشاهد التلفاز و نجالس الأصدقاء و لا نخشى صاروخا أو قنبلة ترسل إلينا لتفسد علينا هناءنا. نحن آمنون مستقرون و هم قد بلغت عندهم القلوب الحناجر، مشردون لا مأوى و لا مأكل و لا مشرب. نحن غارقون في هموم حياتنا اليومية و هم غارقون في دمائهم يتعترون بين أشلاء أجسادهم يرتقبون الصاروخ القادم الذي سيجهز على آخر بسمة لأطفالهم

بين كل هذه التناقضات الغريبة، و نحن الذين ننتمي إلى الأمة الواحدة، خير أمة أخرجت للناس، هناك أمل يشع من بعيد يبشر باقتراب الفرج. في هذه الأزمة الطاحنة، نرى وعيا بدأ يتنامى عند شبابنا. من كان نائما قد استيقظ و من كان غافلا قد تنبه. صوت المتظاهرين صار مخيفا و الغضب أمسى سلاح من لا سلاح له. الكيان الصهيوني الكريه صار منبوذا من طرف العالم أجمع. كل الشرفاء ذووا الضمائر الحية أولو الألباب مجمعون على تجريم آلة القتل الإسرائيلية. وزيرة إعلامهم الملعونة تدور العالم تحاول تزيين صورة حكومتها المغتصبة و تدعي الدفاع بصواريخها عن أمن و أمان شعبها المسكين. لكن هيهات... هيهات يا أبخس شعوب الأرض... هيهات... لقد سقط القناع عن القناع و لن تزالوا مكروهين منبوذين ما حييتم، و مصيركم مصير مجرمكم شارون، في مزبلة التاريخ

إلى كل من ناقشتهم في جدوى المظاهرات و التنديد و الخطابات، إلى كل من جادلتهم في جدوى سلاح المقاطعة، إلى كل من اختلفت معهم في الطريقة المثلى لنصرة القضية الفلسطينية، أقول لهم : أنتم المحقون و أنا المخطئ. لنقاطع هؤلاء الكفرة بالله. لنجرم كل مظاهر التطبيع معهم، لنتخذ موقفا و لو بالصوت و لو بالكلمة، و لو بالرفض

أنا مدمن على مشروب أسود كوجوههم اسمه كوكا كولا، سأحاول من اليوم أن أتعافى منه

غريب أمرنا ربما نحتاج إلى صفعة لكي نستفيق من تبريرات واهية..صفعة تصل إلى موت من لا ذنب لهم! أنا أيضا لم أكن أشجع المقاطعة بدعوى أن عمالنا يقتاتون من ورائه لكن إذا كانت هذه اليد العاملة تأكل على حساب جتث أهلنا في غزة فبأس ما نقتات و بأس ما نأكل..قررت أيضا أن أقاطع ما استطعت ذلك و أن أحرض على المقاطعة. و لكن هذا لا يكفينا أخي يجب أن نعمل على تحريك القضية بين الشباب فكثير منهم مغيب لا يعي الأمر!!و بمناسبة ذكر الكريه شارون ...عندما كنا بمحاضرة المقرئ الإدريسي قال عبارة أعجبتني جدا و جعلت الجميع يسخر من شارون , قال: هو مجرم لفظته الأرض و لم تقبله السماء فبقي معلقا بين الاثنين !! يالسخرية القدر à

خاطرتك دفعتني لأطرح ما كنت كتبته مند بداية الأحداث
أحس بطاقة كبيرة بداخلي لفعل شيء مارغم كل الحزن والألم المحيط بنا ...نشاهده ونسمعه ونتفاعل معه بالوقفات والتبرعات و ..و- لنصرة غزة /العزة
ترى ماذا بإمكاني فعله غير الصراخ في المضاهرات وغير البكاء على حالنا وحالهم وغير الكتابة في المنتديات الجواب كما العادة من انسانة فلسفية شيئاً ما ..هو ....يتبادر إلى ذهني المقاطعة كأقل شيء ممكن فعله بحق وربما حلول أخرى ممكنة ...
.لكن هل فعلاً يمكنني الإستغناء عن التردد على مقاهي ' أكدال و شرب نسكافه وعن إستعمال الحاسوب والهاتف وأجهزة المكتب الفائقة التطور
الإستغناء عن المجلات الإعلامية ذات الأغلفة المبهرة والجذابة بألوانها وتصميمها وعارضتها وشراء كل ما تقع عليه عيناي من تفاهات وتفاهات بماركات أجنبية من محلات أجنبية طبعاً هل فعلاً استطيع التوقف عن كل هذا وأكثر ؟؟
احتاج لوقفة مع النفس ومراجعة يقضة الضمير مع العزم على تطبيق ما أدونه من أولويات هذه السنة ...تبقى للأسف من سنة إلى سنة حبراً على ورق .فمن يبيعني غراماً واحداً من العزيمة بكيلوغرامات من المتعة السريعة ذوبان

الثلاثاء 13 يناير 2009

أحسست في الأيام القليلة التي مضت بطعم التغيير. بعض الأشياء التي كنت أؤجلها بلا سبب، قمت البارحة و اليوم بخطوة في سبيل الحسم فيها. الفكرة التي تراودني منذ شهور لازالت لم تنضج بعد و لست أدري متى سيحين وقت قطافها. كل يوم أقول سأفعلها اليوم، لكن إلى اليوم لم أفعل شيئا. أفكر و أفكر ثم أفكر و أفكر، و لازلت أفكر. ربما غدا سأتوقف عن التفكير لأمر إلى التنفيذ و ربما سأظل أفكر لوقت أطول. فالتفكير هو الشيء الوحيد الذي لا أعلم متى يبدأ عندي و لا متى ينتهي. أعلم أن ما أفكر فيه مرتبط بقرار مصيري ليس ككل القرارات التي اتخذتها سابقا لكنه قرار يجب أن يتخذ على أية حال. فلا الظروف و لا الوضعية و لا المرحلة تحتمل التأجيل، و لن أكون شجاعا بعد اليوم إن لم أتخذه

في حياتي اتخذت قرارات كثيرة. كان بعضها صائبا و البعض الآخر لازلت أجني نتائج فشله، لكن لا يهم. أي رجل هذا الذي يخشى اتخاذ القرار و أي رجل هذا الذي لا يحسن أي شيء آخر عدا الكلام. لنترك الكلام جانبا، و لو لمرة واحدة، و لنتحمل عواقب قراراتنا كي نحس طعم الحياة

أي قرار مصيري ستأخذ !! يكما نويتي Wink

.......................................................... تمشي لغزة cheers

ياريت

ma_premiere_vie a écrit:: nta asga3one

baraka m sarka à ..... Laughing

الأربعاء 14 يناير 2009

حتى المحاولة الشعرية التي أحاسب فيها عروبتي لا تريد أن تخرج من هذا الصدر الخرب. لا تريد أن تتعدى الأبيات الأولى. ربما لأن الصدمة كانت قوية و لازالت، ربما لأن الأسئلة و الاستفسارات لازالت كثيرة في ذهني، و ربما لأن الضعف يقيدك أحيانا. قمة عربية اقتصادية (بقا لينا غير الاقتصاد) و قمة أخرى يوم الجمعة اكتمل نصابها. و أخيرا سيجتمع القادة لينددوا. و تاريخ الاجتماع هنا مهم جدا. يوم الجمعة. يعني ثلاثة أيام أخرى من الدمار و القتل و انتهاك الحرمات. سيجتمع أصحاب القمة يوم الجمعة كي ينددوا فحسب. لا شيء غير التنديد. إلا أن التنديد هذه المرة غدا عزيزا. بعد كل هذا الصمت المهول لدى صناع القرار، بعد كل هذا "النخال"، بعد كل هذا الخبز و الزيت و السكر و الأدوية التي تبعث للمذبوحين في غزة بدل السلاح، هاهم القادة سيجتمعون أخيرا كي ينددوا. و ياليتهم ينددون، ياليتهم يحملون معهم الشجاعة و بضع قطرات من الكبرياء و الكرامة كي ينددوا، ياليت العروبة و القومية تنتفض لديهم و لو بضع دقائق حتى يلتفتوا لكل الأوراق السياسية و الاقتصادية التي يملكونها من أجل الضغط على آلية الخراب الصهيونية. ياليتهم ينصتون وقت خلوتهم، مدة رحلتهم على طائراتهم الفاخرة اتجاه قطر، لنبضات قلوب شعوبهم التي تهتف دفاعا و نصرة و استعدادا للاستشهاد. ياليتهم يستعيدون ماء وجه وزراء خارجيتهم الذي استنفدته إسرائيل قبل أيام على أرض "الميريكان" عندما رفضت الاستجابة لقرار مجلس الذل و الهوان. ياليتهم ينتبهون للمسؤولية الملقاة على عاتقهم و لكل الأقلام التي تكتب تاريخ ضعفنا الحديث. لن يسامحهم التاريخ بعد يوم الجمعة إن ذهبوا لينددوا، لا لشيء، فقط لينددوا... و ياليتهم ينددون

الجمعة 16 يناير 2009

و كما كان متوقعا... تعفف قادتنا حتى على التنديد. خافوا من الاجتماع. خافوا من القرار الذي يتوجب عليهم إن ذهبوا أن يتخذوه. خافوا من كلمة الحق. خافوا من أن تتوتر العلاقات بينهم و بين العمة إسرائيل. خافوا على المصالح و الامتيازات و المكانة. خافوا من قمة أقصى ما كنا نتوقع منها التنديد. خافوا كما اعتدناهم يخافون، رغم أن بعد ما وقع في غزة لم يعد عندهم ما يخافون. كل شيء بعد الكرامة يهون

اختل النصاب بعد أن اكتمل... و حسبنا الله و نعم الوكيل

الثلاثاء 20 يناير 2009

عندما تغيب عن فمك كل الكلمات التي كنت تذخرها و تختفي الخواطر من صدرك اختفاء. عندما لا تجد شيئا تقوله في وقت كان يجب أن تقول فيه أشياء. عندما تقدم على الفعل الذي كنت تخطط له و تبرمج له منذ شهور ثم تندم مباشرة بعد إقدامك عليه و تحط يديك على رأسك و تقول ماذا فعلت ؟؟ عندما تخاف و ترتبك و تحس بقدميك ترتجفان من البرد و أناملك النحيلة تتجاوب و دقات قلبك السريعة. عندما تستخير و تستشير و تتوكل. عندما تستيقظ صباحا فتختلط عندك السعادة بالرهبة. عندما تستظهر كل ما كتبت على رأس كل عشر دقائق. عندما تحس و كأن الدنيا قد اختلفت و كأن الناس كلها تنظر إليك. عندما تسير مزهوا مترددا ضائعا في حساباتك. تريد أن تتكلم، تريد أن تقول، تريد أن تحكي للعالم أجمع. عندما تفكر بسرعة عشرة أميال في الثانية و تنتظر و تترقب و تنتظر و تترقب و تنتظر و تترقب

تلك هي حالتي هذه الساعة

Admin Nombre de messages : 937 Age : 41 Date d'inscription : 02/10/2006

Salam

Fik JOO3 ???

Salam

Anass , yakma radirha ? Smile

Nombre de messages : 132 Age : 38 Date d'inscription : 10/05/2007

anass bidakir min warana ????

إذا كان هناك شيء يستحق الذكر ستكونون إن شاء الله أول من يعلم. إنما هي خواطر تزاحمني فأخرجها تباعا، فاستحملوها و استحملوني

Smile

Nombre de messages : 132 Age : 38 Date d'inscription : 10/05/2007

iwa lah ysama3na khbar lkhir yaki a houda ????? lol!

الخميس 22 يناير 2009

ليلة طويلة رفقة عصام و عبد الرحمان. دعانا عصام لقضاء الليلة عنده. سهرنا حتى الساعة الرابعة صباحا. ماذا نفعل ؟؟ نتحدث. و لأن الحديث كان له طعم آخر لم نحس بالوقت. مر سريعا جدا قبل أن أنتبه إلى تأخره و أتذكر أن غدا تنتظرني عشر ساعات أخرى بأكدال

يقال أن الفتيات وحدهن هن اللواتي لديهن القدرة على الحديث طويلا دون ملل. هن اللواتي يتقن جيدا فن الكلام. هن اللواتي يدققن و يفصلن و يبسطن و ينشرن و يعملن. نحن الثلاثة فنذنا هذه النظرية البارحة. الذكور أيضا عندهم ما يقال. و كلامنا نحن ليس كأي كلام. كلامنا بعض من الحقيقة و صفوف متراصة من الأحلام. كلامنا تحسه خارجا من القلب، من الوجدان. كلامنا ذكوري جدا، و طفولي جدا، و استراتيجي جدا، و عميق و سطحي و جذاب و موضوعي و فيه الكثير الكثير من الفلسفة، العامرة منها و الفارغة. تكلمت البارحة و تكلم عبد الرحمان و ظل عصام صامتا على غير عادته. ربما لأن الإنصات استهواه أكثر من الكلام

تفرجنا على جاد المالح و أطلقنا بعض الضحكات التي كسرت سكون الليل في المكان و انطلقت مباشرة بعدها إلى فراشي أحاول التصالح مع نومي الذي عادة ما يخاصمني إن أنا تأخرت كثيرا عن طلبه. وضعت رأسي على المخدة أحاول تحليل كلمات رضوان التي بعث لي بها من سطات عبر الهاتف ذاك المساء. و ابتسمت عندما وجدت أن رسالتي ستصبح نموذجا يحتذى به عند المبتدئين، على حد تعبير رضوان

ma_premiere_vie a écrit:: وضعت رأسي على المخدة أحاول تحليل كلمات رضوان التي بعث لي بها من سطات عبر الهاتف ذاك المساء. و ابتسمت عندما وجدت أن رسالتي ستصبح نموذجا يحتذى به عند المبتدئين، على حد تعبير رضوان

les mots de Redouane???

قد أخصها بخاطرة لوحدها في وقت لاحق إن شاء الله

و شكرا على حرصك على الفهم مهدي

Smile

الأحد 25 دجنبر 2008

صباح جميل و إحساس جميل و إشراقة عين بعد ليل طويل ساهر. البارحة كان يوما مميزا. البارحة كان يوما مشهودا في التاريخ القديم المعاصر. البارحة كان يوما من أيام العمر القليلة التي تمضي كي تترك لك رسالات يلزمك وقت طويل لتحليلها و فك شفراتها و الاستمتاع بما وصلك عن طريقها من بشائر. البارحة كنت على موعد مع مسؤولية مغلفة بورق الهدايا الفاخر. كنت على موعد مع الصمت و الكلام و الخوف و الجرأة و الانطلاقة و الاستفاقة و الحقيقة و الحياة

البارحة كان عيد ميلاد صديق العمر. قلتها له في الهاتف سريعا. رضوان عيد ميلاد سعيد. لكننا لم نحتفل. و كان يجب علي أن أحتفل. أنا وحدي كان يجب علي أن أحتفل. كان يجب علي أن أحتفل بصداقتي مع هذا الولد الطيب الخدوم المتفائل. كان يجب علي أن أسجد شكرا لله على هذه النعمة. نعمة الصداقة. أن تجد إلى جانبك من ينصحك و من ينبهك و يمد يديه إليك ليرفعك بعيدا عن الظنون. كان يجب علي أن أهدي رضوان البارحة هدية خاصة جدا. أن أقول له شكرا على السنين الأربع التي كانت بمثابة الطفرة في شخصيتي و في علاقتي بالآخرين. رضوان أكمل البارحة ستا و عشرين سنة. هو يكبرني مجازا ب سنة و نصف لكنه يكبرني حقيقة بسنوات ضوئية من التفاؤل و الحب و الصبر و العزيمة و الخلق الجميل. هو الذي يفاجئني كل يوم بطاقته على الحب. بطاقته على البذل. هو الذي علمني كيف أن أكون كريما في مشاعري، كيف أن لا أبخل بابتسامة، على بساطتها و رمزيتها لكن لها مفعول السحر، على أصدقائي و من أحب. هو صديقي الذي تعلمت منه كيف أحب والدي أكثر. كيف أتفنن في التقرب إلى أمي. كيف أسألها كلما اتصلت بها هاتفيا في طريقي من العمل إلى البيت "واش نجيب معايا شي حاجا ؟؟". هو نموذج البار الخدوم الذي أضعه نصب عيني كلما دخلت البيت. في تعاملي مع أخي الصغير. كلما غلبتني غلظة و قساوة لا أعلم لهما سببا أتذكر رضوان فأستفيق. كلما دخلت كهفي البارد المظلم مبتغيا لحظات من السكون و الوحدة على حساب واجباتي البيتية، أتذكر رضوان كيف يتعامل مع أمه، كيف يذاعبها و يناديها "الحاجة زهور". كيف يدخل البيت فينشرح من بداخله. عندما يضرب بعض أولاد حارتنا الأشقياء بابنا الحديدي بكرتهم المزعجة، أخرج إليهم و في صدري كمية كبيرة من الغضب أريد إفراغه عليهم، فأتذكر فجأة رضوان، و أقول في نفسي "لو كان رضوان مكاني ما تراه كان يفعل؟". الأكيد أنه كان سيبتسم في وجههم و يكلمهم كلام الحليم كما اعتدته. و ربما هذا سر المكانة التي يحظى بها صديقي بين أصدقاء حيه و في كل مكان يزوره

على طول السنين الأربع التي صاحبت فيها رضوان تعلمت منه إضافة إلى ما تعلمته كيف أكون محبوبا. هناك بعض من أصدقاء دراستي من تغيرت علاقتي بهم بعد أن تعرفت على رضوان و صادقته. بل هناك من لم أكن لأنعم بعلاقتي معهم لو لم أكن صديقا لرضوان. هناك منهم من يقارنوني الآن برضوان و يقولون عن حسن نية "أنت دبلوماسي أكثر و مجامل أكثر و تضع اعتبارا لأصدقائك أكثر" و ينسون، عن حسن نية دائما، أن رضوان هو الأصل في كل هذا. و أن لا مقارنة بيني و بين رضوان

في حديثنا معشر الذكور عن الجنس الآخر، اكتشفت بعد أن صاحبت رضوان بعدا آخر لهذه العلاقة التي تجمعنا بهن. تحس في كلامه شيئا مختلفا يتعدى حدود الالتزام. و المسألة عنده ليست مسألة التزام فحسب. فأنا عندما تعرفت عليه كنت أيضا بفضل الله على طريق الالتزام، لكني أحس في كلامي معه عن الإناث بعبق التقاليد و الأعراف الثلاثينية الأربعينية الجميلة أكثر مما أحس فيه بأسانيد الالتزام (التي نشرف و أصدقاءنا بتبنيها). رضوان صديقي مغربي ريفي شرقي عصري حالم. تارة، عندما يبدأ في الحديث عن موضوعنا المفضل أخاله متزمتا منغلقا فارضا الحصار على كل المعابر المؤدية إلى قلبه، و تارات أحسه منطلقا متحررا يتسابق معي في جملي و يسايرني و يسألني و يكبح جماح أحلامي و يسبقني. له آراء تستفزني و أسئلة غريبة تضحكني و منطق عميق كثيرا ما يفحمني به. رضوان صديقي، نصحني كثيرا و لازال ينصحني. رضوان صديقي شاركني لحظات من الصدق و الفرحة و الجمال. شاركني بكلامه، بحرصه، بحبه و ها هو يشاركني حتى بتاريخ ميلاده

أقول في نفسي دائما، لو كانت عندي أخت لجهزتها و زينتها و زوجتها رضوان على ما يحفظ من آيات سورة النور

» ma premiere vie (Mai 2009)
» IMMOPRO 2009